فصل: تفسير الآيات (156- 157):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (154):

{ثُمَّ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (154)}
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {تماماً على الذي أحسن} قال: على المؤمنين المحسنين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صخر وفي قوله: {تماماً على الذي أحسن} قال: تماماً لما قد كان من إحسانه إليه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {تماماً على الذي أحسن} قال: تماماً لنعمه عليهم وإحسانه إليهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {تماماً على الذي أحسن} قال: من أحسن في الدنيا تمَّم الله ذلك له في الآخرة. وفي لفظ: تمت له كرامة الله يوم القيامة. وفي قوله: {وتفصيلاً لكل شيء} أي تبياناً لكل شيء، وفيه حلاله وحرامه.
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن هرون قال: قراءة الحسن: {تماما على المحسنين}.
وأخرج ابن الأنباري عن هرون قال: في قراءة عبد الله: {تماماً على الذين أحسنوا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {تفصيلاً لكل شيء} قال: ما أمروا به وما نهوا عنه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: لما ألقى موسى الألواح لفي الهدى والرحمة وذهب التفصيل.

.تفسير الآية رقم (155):

{وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155)}
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {وهذا كتاب أنزلناه مبارك} قال: هو القرآن الذي أنزله الله على محمد {فاتبعوه واتقوا} يقول: فاتبعوا ما أحل فيه واتقوا ما حرم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وابن الضريس ومحمد بن نصر والطبراني عن ابن مسعود قال: إن هذا القرآن شافع مشفع وما حل مصدق من جعله أماماً قاده إلى الجنة، ومن جعل خلفه ساقه إلى النار.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن الضريس عن أبيه عن جده «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يمثل القرآن يوم القيامة رجلاً فيؤتى الرجل قد حمله فخالف أمره، فيقف له خصماً فيقول: يا رب حملته إياي فبئس حاملي تعدى حدودي، وضيع فرائضي، وركب معصيتي، وترك طاعتي، فما يزال يقذف عليه بالحجج حتى يقال: فشأنك، فيأخذ بيده فما يرسله حتى يكبه على منخره في النار، ويؤتى بالرجل الصالح قد كان حمله وحفظ أمره، فيتمثل له خصماً دونه فيقول: يا رب حملته إياي فحفظ حدودي، وعمل بفرائضي، واجتنب معصيتي، واتبع طاعتي، فما يزال يقذف له بالحجج حتى يقال له: شأنك به، فيأخذ بيده فما يرسله حتى يلبسه حلة الاستبرق، ويعقد عليه تاج الملك، ويسقيه كأس الخمر».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن الضريس عن أبي موسى الأشعري قال: إن هذا القرآن كائن لكم ذكراً وكائن عليكم وزراً فتعلموه واتبعوه، فإنكم أن تتعبوا القرآن يورد بكم رياض الجنة، وان يتبعكم القرآن يزج في أقفائكم حتى يوردكم إلى النار.

.تفسير الآيات (156- 157):

{أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (156) أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آَيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ (157)}
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا} قال: اليهود والنصارى خاف أن تقوله قريش.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {على طائفتين من قبلنا} قال: هم اليهود والنصارى {وإن كنا عن دراستهم} قال: تلاوتهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم} قال: هذا قول كفار العرب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {فقد جاءتكم بينة من ربكم} يقول: قد جاءتكم بينة لسان عربي مبين حين لم يعرفوا دراسة الطائفتين.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وصدف عنها} قال: أعرض عنها.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك في قوله: {يصدفون} قال: يعرضون.

.تفسير الآية رقم (158):

{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (158)}
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن مسعود {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة} قال: عند الموت {أو يأتي ربك} قال: يوم القيامة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة} قال: بالموت {أو يأتي ربك} قال: يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله: {أو يأتي ربك} قال: يوم القيامة في ظلل من الغمام.
أخرج أحمد وعبد بن حميد في مسنده والترمذي وأبو يعلى وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {يوم يأتي بعض آيات ربك} قال «طلوع الشمس من مغربها».
وأخرج الطبراني وابن عدي وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {يوم يأتي بعض آيات ربك} قال «طلوع الشمس من مغربها».
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن أبي سعيد الخدري {يوم يأتي بعض آيات ربك} قال: طلوع الشمس من مغربها.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والطبراني عن ابن مسعود في قوله: {يوم يأتي بعض آيات ربك} قال: طلوع الشمس من مغربها.
وأخرج سعيد بن منصور والفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني عن ابن مسعود {يوم يأتي بعض آيات ربك} قال: طلوع الشمس والقمر من مغربهما مقترنين كالبعيرين القرنيين، ثم قرأ {وجمع الشمس والقمر} [ القيامة: 9].
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد {يوم يأتي بعض آيات ربك} قال: طلوع الشمس من مغربها.
وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم «لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون، فذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها، ثم قرأ الآية».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد ومسلم والترمذي وابن جرير وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث إذا خرجت لم ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل: الدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وعبد بن حميد وأبو داود وابن ماجة وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي عن عبد الله بن عمرو قال: حفظت من رسول الله صلى عليه وسلم أن أوّل الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة ضحى، فأيتهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها، ثم قال عبدالله وكان قرأ الكتب: وأظن أولهما خروجاً الشمس من مغربها، وذلك أنها كلما خرجت أتت تحت العرش، فسجدت وأستأذنت في الرجوع فيأذن لها في الرجوع، حتى إذا بدا لله أن تطلع عن مغربها فعلت كما كانت تفعل، أتت تحت العرش فسجدت واستأذنت في الرجوع فلم يرد عليها شيء، ثم تستأذن في الرجوع فلا يرد عليها شيء، حتى إذا ذهب من الليل ما شاء الله أن يذهب، وعرفت أنه إن أذن لها في الرجوع لم تدرك المشرق قالت: رب ما أبعد المشرق من لي بالناس؟ حتى إذا صار الأفق كأنه طوق استأذنت في الرجوع فيقال لها: من مكانك فاطلعي.
فطلعت على الناس من مغربها، ثم تلا عبدالله هذه الآية {لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً}.
وأخرج ابن مردويه عن حذيفة قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله ما آية طلوع الشمس من مغربها؟ فقال: «تطول تلك الليلة حتى تكون قدر ليلتين، فبينما الذين كانوا يصلون فيها فيعملون كما كانوا والنجوم لا ترى قد قامت مقامها، ثم يرقدون ثم يقومون فيعملون ثم يرقدون، ثم يقومون فيطل عليهم جنوبهم حتى يتطاول عليهم الليل فيفزع الناس ولا يصبحون، فبينما هم ينتظرون طلوع الشمس من مشرقها إذا هي طلعت من مغربها، فإذا رآها الناس آمنوا ولا ينفعهم إيمانهم»
وأخرج عبد بن حميد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي عن أبي ذر قال: «كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار وعليه بردعة وقطيفة وذاك عند غروب الشمس فقال: يا أبا ذر أتدري أين تغيب هذه؟ قلت: الله ورسوله أعلم... ! قال: فإنها تغرب في عين حمئة تنطلق حتى تخر لربها ساجدة تحت العرش، فإذا حان خروجها أذن لها فتخرج فتطلع، فإذا أراد أن يطلعها من حيث تغرب حبسها فتقول: يا رب ان سيري بعيد؟ فيقول لها: اطلعي من حيث غربت. فذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل».
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل} فهو آية لا ينفع مشركاً إيمانه عند الآيات، وينفع أهل الإِيمان عند الآيات إن كانوا اكتسبوا خيراً قبل ذلك قال ابن عباس: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية من العيشات فقال لهم «يا عباد الله توبوا إلى الله بقراب، فإنكم توشكون أن تروا الشمس من قبل المغرب، فإذا فعلت ذلك حبست التوبة، وطوى العمل، وختم الإِيمان. فقال الناس: هل لذلك من آية يا رسول الله؟ فقال: آية تلكم الليلة أن تطول كقدر ثلاث ليال، فيستيقظ الذين يخشون ربهم فيصلون له، ثم يقضون صلاتهم والليل كأنه لم ينقض، فيضطجعون حتى إذا استيقظوا والليل مكانه، فإذا رأوا ذلك خافوا أن يكون ذلك بين يدي أمر عظيم، فإذا أصبحوا فطال عليهم طلوع الشمس، فبينما هم ينتظرونها إذ طلعت عليهم من قبل المغرب، فإذا فعلت ذلك لم ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل ذلك».
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {يوم يأتي بعض آيات ربك...} الآية. قال ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «بادروا بالأعمال ستاً: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، والدخان، ودابة الأرض، وخويصة أحدكم وأمر العامة. القيامة، ذكر لنا أن قائلاً قال: يا نبي الله ما آية طلوع الشمس من مغربها؟ قال: تطول تلك الليلة حتى تكون قدر ليلتين. فيقوم المتهجدون لحينهم الذي كانوا يصلون فيه، فيصلون حتى يقضوا صلاتهم والنجوم مكانها لا تسري، ثم يأتون فرشهم فيرقدون حتى تكل جنوبهم، ثم يقومون فيصلون حتى يتطاول عليهم الليل فيفزع الناس، ثم يصبحون ولا يصبحون إلا عصراً عصراً، فبينما هم ينتظرونها من مشرقها إذ فجئتهم من مغربها».
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً} قال: لا ينفعها الإِيمان إن آمنت ولا تزداد في عمل ان لم تكن عملته.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله: {أو كسبت في إيمانها خيراً} يقول: كسبت في تصديقها عملاً صالحاً، هؤلاء أهل القبلة وإن كانت مصدقة لم تعمل قبل ذلك خيراً فعملت بعد أن رأت الآية لم يقبل منها، وإن عملت قبل الآية خيراً ثم عملت بعد الآية خيراً قبل منها.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مقاتل في قوله: {أو كسبت في إيمانها خيراً} يعني المسلم الذي لم يعمل في إيمانه خيراً، وكان قبل الآية مقيماً على الكبائر.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن عبدالله بن عمرو قال: يبقى الناس بعد طلوع الشمس من مغربها عشرين ومائة سنة.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنما الآيات خرزات منظومات في سلك، انقطع السلك فتبع بعضها بعضاً».
وأخرج الحاكم وصححه عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الإِمارات خرزات منظومات بسلك، فإذا انقطع السلك نبع بعضه».
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم عن ابن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الآيات خرز منظومات في سلك يقطع السلك فيتبع بعضها بعضاً».
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة قال: لو أن رجلاً ارتبط فرساً في سبيل الله، فانتحبت مهراً منذ أول الآيات ما ركب المهر حتى يرى آخرها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة قال: إذا رأيتم أول الآيات تتابعت.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن أبي هريرة قال: الآيات كلها في ثمانية أشهر.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي العالية قال: الآيات كلها ستة أشهر.
وأخرج عبد بن حميد والحاكم وصححه عن عبدالله بن عمرو قال: أن الشمس إذا غربت سلمت وسجدت وأستأذنت فيؤذن لها، حتى إذا كان يوماً غربت فسلمت وسجدت واستأذنت فلا يؤذن لها، فتقول: يا رب إن المشرق بعيد وإني ان لا يؤذن لي لا أبلغ؟ قال: فتحبس ما شاء الله، ثم يقال لها. اطلعي من حيث غربت فمن يومئذ إلى يوم القيامة لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل الآية.
وأخرج البيهقي في البعث عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: الآية التي لا ينفع نفساً إيمانها إذا طلعت الشمس من مغربها.
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن عبدالله بن أبي أوفى «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليأتين على الناس ليلة بقدر ثلاث ليال من لياليكم هذه، فإذا كان ذلك يعرفها المصلون يقوم أحدهم فيقرأ حزبه ثم ينام، ثم يقوم فيقرأ حزبه ثم ينام، ثم يقوم فبينما هم كذلك ماج الناس بعضهم في بعض فقالوا: ما هذا؟! فيفزعون إلى المساجد، فإذا هم بالشمس قد طلعت من مغربها، فضج الناس ضجة واحدة حتى إذا صارت في وسط السماء رجعت طلعت من مطلعها، وحينئذ لا ينفع نفساً إيمانها».
وأخرج الطيالسي وسعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة والطبراني وابن المنذر وأبو الشيخ والبيهقي وابن مردويه عن صفوان بن عسال عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله جعل بالمغرب باباً عرضه سبعون عاماً، مفتوحاً للتوبة لا يغلق ما لم تطلع الشمس من مغربها قبله، فذلك قوله: {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها} ولفظ ابن ماجة: فإذا طلعت من نحوه لم ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا».
وأخرج الطبراني عن صفوان بن عسال قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانشأ يحدثنا أن للتوبة باباً عرض ما بين مصراعيه ما بين المشرق والمغرب لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {يوم يأتي بعض آيات ربك...} الآية.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد ومسلم والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه».
وأخرج عبد بن حميد والطبراني عن ابن مسعود قال: التوبة معروضة على ابن آدم ما لم يخرج إحدى ثلاث: ما لم تطلع الشمس من مغربها، أو تخرج الدابة، أو يخرج يأجوج ومأجوج. وقال: مهما يأتِ عليكم عام فالآخر شر.
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وأبو داود والنسائي عن معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها».
وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإِيمان وابن مردويه من طريق مالك بن يخامر السكسكي عن عبد الرحمن بن عوف ومعاوية بن أبي سفيان وعبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الهجرة خصلتان: «إحداهما أن تهجر السيئات، والأخرى أن تهاجر إلى الله ورسوله، ولا تنقطع الهجرة ما تقبل التوبة، ولا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من المغرب، فإذا طلعت طبع على كل قلب بما فيه وكفى الناس العمل».
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال: مضت الآيات غير أربعة: الدجال، والدابة، ويأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، والآية التي يختم الله بها الأعمال. طلوع الشمس من مغربها، ثم قرأ {يوم يأتي بعض آيات ربك...} الآية قال: فهي طلوع الشمس من مغربها.
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صبيحة تطلع الشمس من مغربها يصير في هذه الأمة قردة وخنازير، وتطوى الدواوين، وتجف الأقلام، لا يزاد في حسنه ولا ينقص من سيئه، ولا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً».
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن عائشة قالت: إذا خرج أول الآيات طرحت الأقلام، وطويت الصحف، وحبست الحفظة، وشهدت الأجساد على الأعمال.
وأخرج أحمد وعبد بن حميد ومسلم والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي هريرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بادروا بالأعمال ستاً: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، والدخان، ودابة الأرض، وخويصة أحدكم، وأمر العامة، قال قتادة: خويصة أحدكم: الموت. وأمر العامة: الساعة».
وأخرج ابن ماجة عن أنس عن رسول الله صلى عليه وسلم قال: «بادروا بالأعمال ستاً: طلوع الشمس من مغربها، والدخان، ودابة الأرض، والدجال، وخويصة أحدكم، وأمر العامه».
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العظام سبع، مضت واحدة وهي الطوفان وبقيت فيكم ست: طلوع الشمس من مغربها، والدخان، والدجال، ودابة الأرض، ويأجوج ومأجوج، والصور».
وأخرج عبد بن حميد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يلتقي الشيخان الكبيران فيقول أحدهما لصاحبه: متى ولدت؟ فيقول: زمن طلعت الشمس من مغربها».
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: كنا نحدِّث أن الآيات يتابعن تتابع النظام في الخيط عاماً فعاماً.
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن عمرو قال: الآيات خرزات منظومات في سلك، انقطع السلك فتبع بعضهن بعضاً.
وأخرج ابن ماجة والحاكم وصححه وتعقبه الذهبي عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الآيات بعد المائتين».
وأخرج أبو الشيخ عن ابن مسعود قال: أن الناس بعد الآية يصلون ويصومون ويحجون، فيتقبل الله ممن كان يتقبل منه قبل الآية، ومن لم يتقبل منه قبل الآية لم يتقبل منه بعد الآية.
وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أول الآيات طلوع الشمس من مغربها».
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر قال: يبيت الناس يسرون إلى جمع، وتبيت دابة الأرض تسري إليهم، فيصبحون وقد جعلتهم بين رأسها وذنبها، فما من مؤمن الا تمسحه، ولا منافق ولا كافر الا تخطمه، وان التوبة لمفتوحة، ثم يخرج الدخان فيأخذ المؤمن منه كهيئة الزكمة، ويدخل في مسامع الكافر والمنافق حتى يكون كالشيء الخفيف، وان التوبة لمفتوحة، ثم تطلع الشمس من مغربها.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن مردويه والبيهقي في البعث عن حذيفة بن أسيد قال: أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من علية ونحن نتذاكر فقال: «ماذا تذكرون؟قلنا: نتذاكر الساعة. قال فإنها لا تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات: الدخان، والدجال، وعيسى ابن مريم، ويأجوج ومأجوج، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من قعر عدن أو اليمن تطرد الناس إلى المحشر، تنزل معهم إذا نزلوا وتقيل معهم إذا قالوا».
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عمرو قال: إن يأجوج ومأجوج ما يموت الرجل منهم حتى يولد له من صلبه ألف فصاعداً، وان من ورائهم ثلاث أمم ما يعلم عدتهم إلا الله تعالى: منسك، وتأويل، وتاريس، وان الشمس إذا طلعت كل يوم أبصرها الخلق كلهم، فإذا غربت خرت ساجدة فتسلم وتستأذن فلا يؤذن لها، ثم تستأذن فلا يؤذن لها، ثم الثالثة فلا يؤذن لها فتقول: يا رب إن عبادك ينظروني والمدى بعيد؟ فلا يؤذن لها حتى إذا كان قدر ليلتين أو ثلاث قيل لها: اطلعي من حيث غربت فتطلع فيراها أهل الأرض كلهم، وهي فيما بلغنا أول الآيات {لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل} فيذهب الناس فيتصدقون بالذهب الأحمر فلا يؤخذ منهم، ويقال: لو كان بالأمس.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة والبيهقي عن عبد الله بن مسعود أنه قال ذات يوم لجلسائه: أرأيتم قول الله عز وجل {تغرب في عين حمئة} [ الكهف: 86] ماذا يعني بها؟ قالوا: الله أعلم! قال: فإنها إذا غربت سجدت له وسبحته وعظمته وكانت تحت العرش، فإذا حضر طلوعها سجدت له وسبحته وعظمته واستأذنته فيؤذن لها، فإذا كان اليوم الذي تحبس فيه سجدت له وسبحته وعظمته، ثم استأذنته فيقال لها: أثبتي. فإذا حضر طلوعها سجدت له وسبحته وعظمته، ثم استأذنته فيقال لها: أثبتي. فتحبس مقدار ليلتين قال: ويفزع إليها المتهجدون، وينادي الرجل جاره يا فلان ما شأننا الليلة، لقد نمت حتى شبعت، وصليت حتى أعيت؟! ثم يقال لها: إطلعي من حيث غربت. فذاك {يوم لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل...} الآية.
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن ابن عباس قال: خطبنا عمر فقال: أيها الناس سيكون قوم من هذه الأمة يكذبون بالرجم، ويكذبون بالدجال، ويكذبون بطلوع الشمس من مغربها، ويكذبون بعذاب القبر، ويكذبون بالشفاعة، ويكذبون بقوم يخرجون من النار بعدما امتحشوا.
وأخرج البخاري في تاريخه وأبو الشيخ في العظمة وابن عساكر عن كعب قال: إذا أراد الله أن تطلع الشمس من مغربها أدارها بالقطب، فجعل مشرقها مغربها ومغربها مشرقها.
وأخرج ابن مردويه بسند واه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خلق الله عند المشرق حجاباً من الظلمة على البحر السابع على مقدار ليالي الدنيا كلها، فإذا كان غروب الشمس أقبل ملك من الملائكة قد وكل بالليل، فيقبض قبضة من ظلمة ذلك الحجاب ثم يستقبل المغرب، فلا يزال يرسل تلك الظلمة من خلال أصابعه قليلاً قليلاً وهو يراعي الشفق، فإذا غاب الشفق أرسل الظلمة كلها، ثم ينشر جناحيه فيبلغان أقطار الأرض وأكناف السماء، فيجاوزان ما شاء الله أن يجاوزا في الهواء، فيشق ظلمة الليل بجناحيه بالتسبيح والتقديس لله حتى يبلغ المغرب على قدر ساعات الليل، فإذا بلغ المغرب انفجر الصبح من المشرق ضم جناحيه وضم الظلمة بعضها إلى بعض بكفيه، حتى يقبض عليها بكف واحدة مثل قبضته حين تناولها من الحجاب بالمشرق، ثم يضعها عن المغرب على البحر السابع فمن هناك تكون ظلمة الليل، فإذا حوّل ذلك الحجاب من المشرق إلى المغرب نفخ في الصور، فضوء النهار من قبل الشمس وظلمة الليل من قبل ذلك الحجاب.
فلا تزال الشمس تجري من مطلعها إلى مغربها حتى يأتي الوقت الذي جعله الله لتوبة عباده، فتستأذن الشمس من أين تطلع ويستأذن القمر من أين يطلع فلا يؤذن لهما، فيحسبان مقدار ثلاث ليال للشمس وليلتين للقمر، فلا يعرف مقدار حبسهما إلا قليل من الناس وهم بقية أهل الأرض وحملة القرآن، يقرأ كل رجل منهم ورده في تلك الليلة، حتى إذا فرغ منه نظر فإذا ليلته على حالها، فيعود فيقرأ ورده فإذا فرغ منه نظر فإذا الليلة على حالها، فيعود فيقرأ ورده فإذا فرغ منه نظر فإذا الليلة على حالها، فلا يعرف طول تلك الليلة إلا حملة القرآن، فينادي بعضهم بعضاً، فيجتمعون في مساجدهم بالتضرع والبكاء والصراخ بقية تلك الليلة ومقدار تلك الليلة مقدار ثلاث ليال، ثم يرسل الله جبريل عليه السلام إلى الشمس والقمر، فيقول: إن الرب عزل وجل أمركما أن ترجعا إلى مغاربكما فتطلعا منها فإنه لا ضوء لكما ولا نور. فتبكي الشمس والقمر من خوف يوم القيامة وخوف الموت، فترجع الشمس والقمر فتطلعان من مغربهما.
فبينما الناس كذلك يبكون ويتضرعون إلى الله عز وجل والغافلون في غفلاتهم إذ نادى مناد: ألا أن باب التوبة قد أغلق والشمس والقمر قد طلعا من مغاربهما، فينظر الناس فإذا بهما أسودان كالعكمين لا ضوء لهما ولا نور، فذلك قوله: {وجمع الشمس والقمر} [ القيامة: 9] فيرتفعان مثل البعيرين المقرونين المعقودين، ينازع كل واحد منهما صاحبه استباقاً، ويتصايح أهل الدنيا، وتذهل الأمهات، وتضع كل ذات حمل حملها، فأما الصالحون والأبرار فإنه ينفعهم بكاؤهم يومئذ ويكتب لهم عبادة، وأما الفاسقون والفجار فلا ينفعهم بكاؤهم يومئذ ويكتب عليهم حسرة، فإذا بلغت الشمس والقمر سرة السماء وهو منصفها جاءهما جبريل عليه السلام فأخذ بقرونهما فردهما إلى المغرب، فلا يغربهما في مغاربهما ولكن يغربهما في باب التوبة.
فقال عمر بن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وما باب التوبة؟ فقال: يا عمر خلق الله باباً للتوبة خلف المغرب وهو من أبواب الجنة، له مصراعان من ذهب مكللان بالدر والياقوت والجوهر، ما بين المصراع إلى المصراع مسيرة أربعين عاماً للراكب المسرع، فذلك الباب مفتوح منذ خلق الله خلقه إلى صبيحة تلك الليلة عند طلوع الشمس والقمر من مغاربها، ولم يتب عبد من عباد الله توبة نصوحاً من لدن آدم إلى ذلك اليوم إلا ولجت تلك التوبة في ذلك الباب ثم ترفع إلى الله، فقال معاذ بن جبل: يا رسول الله وما التوبة النصوح؟ قال: أن يندم العبد على الذنب الذي أصاب فيهرب إلى الله منه، ثم لا يعود إليه حتى يعود اللبن في الضرع. قال: فيغربهما جبريل في ذلك الباب ثم يرد المصراعين، فيلتئم ما بينهما ويصيران كأنهما لم يكن فيهما صدع قط ولا خلل، فإذا أغلق باب التوبة لم تقبل لعبد بعد ذلك توبة ولم تنفعه حسنة يعملها بعد ذلك إلا ما كان قبل ذلك، فإنه يجري لهم وعليهم بعد ذلك ما كان يجري لهم قبل ذلك، فذلك قوله تعالى {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً}.
فقال أبي بن كعب: يا رسول الله فداك أبي وأمي فكيف بالشمس والقمر بعد ذلك، وكيف بالناس والدنيا...؟! قال: يا أبي إن الشمس والقمر يكسيان بعد ذلك ضوء النور، ثم يطلعان على الناس ويغربان كما كانا قبل ذلك، وأما الناس فإنهم حين رأوا ما رأوا من تلك الآية وعظمها، يلحون على الدنيا فيعمرونها ويجرون فيها الأنهار، ويغرسون فيها الأشجار، ويبنون فيها البنيان، فاما الدنيا فإنه لو نتج مهراً لم يركب حتى تقوم الساعة من لدن طلوع الشمس من مغربها إلى يوم ينفخ في الصور»
.
وأخرج نعيم بن حماد في الفتن والحاكم في المستدرك وضعفه عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بين أذني الدجال أربعون ذراعاً، وخطوة حمارة مسيرة ثلاثة أيام، يخوض البحر كما يخوض أحدكم الساقية، ويقول: أنا رب العالمين، وهذه الشمس تجري باذني أتريدون أن أحبسها؟ فتحبس الشمس حتى يجعل اليوم كالشهر والجمعة، ويقول: أتريدون أن أسيرها؟ فيقولون: نعم. فيجعل اليوم كالساعة، وتأتيه المرأة فتقول: يا رب أحي لي أخي وابني وزوجي، حتى انها تعانق شيطاناً وبيوتهم مملوءة شياطين، ويأتيه الأعرابي فيقول: يا رب أحي لنا ابلنا وغنمنا، فيعطيهم شياطين أمثال ابلهم وغنمهم سواء بالسن والسمة، فيقولون: لو لم يكن هذا ربنا لم يحي لنا موتانا؟! ومعه جبل من فرق وعراق اللحم حار لا يبرد، ونهر حار، وجبل من جنان وخضرة، وجبل من نار ودخان يقول: هذه جنتي، وهذه ناري، وهذا طعامي، وهذا شرابي. واليسع عليه السلام معه ينذر الناس يقول: هذا المسيح الكذاب فاحذروه لعنه الله.
ويعطيه الله من السرعة والخفة ما لا يلحقه الدجال، فإذا قال: أنا رب العالمين. قال له الناس: كذبت، ويقول، اليسع: صدق الناس. فيمر بمكة فإذا هو بخلق عظيم فيقول: من أنت؟ فيقول أنا ميكائيل بعثني الله لأمنعه من حرمه، ويمر بالمدينة فإذا هو بخلق عظيم، فيقول من أنت؟ فيقول: أنا جبريل بغثني الله لأمنعه من حرم رسوله.
فيمر الدجال بمكة فإذا رأى ميكائيل ولى هارباً ويصيح، فيخرج إليه من مكة منافقوها ومن المدينة كذلك، ويأتي النذير إلى الذين فتحوا القسطنطينية، ومن تألف من المسلمين ببيت المقدس قال: فيتناول الدجال ذلك الرجل فيقول: هذا الذي يزعم أني لا أقدر عليه فاقتلوه، فَيُنْشَر ثم يقول: أنا أحييه قم ولا يأذن الله لنفس غيرها فيقول: أليس قد أمتُّك ثم أَحْيَيْتُك؟ فيقول: الآن ازددت فيك يقيناً، بشرني رسول الله صلى الله عليه وسلم انك تقتلني ثم أحيا باذن الله، فيوضع على جلده صفائح من نحاس فلا يحيك فيه سلاحهم، فيقول اطرحوه في ناري، فيحوّل الله ذلك الجبل على النذير جناناً، فيشك الناس فيه ويبادر إلى بيت المقدس، فإذا صعد على عقبة أفيق وقع ظله على المسلمين فيوترون قسيهم لقتاله، فاقواهم من برك أو جلس من الجوع والضعف ويسمعون النداء: جاءكم الغوث. فيقولون: هذا صوت رجل شبعان.
وتشرق الأرض بنور ربها، وينزل عيسى ابن مريم ويقول: يا معشر المسلمين احمدوا ربكم وسبحوه، فيفعلون ويريدون الفرار، فيضيق الله عليهم الأرض فإذا أتوا باب لد في نصف ساعة فيوافقون عيسى، فإذا نظر إلى عيسى يقول: أقم الصلاة. فيقول الدجال: يا نبي الله قد أقيمت الصلاة...؟! فيقول: يا عدو الله زعمت انك رب العالمين فلمن تصلي؟ فيضربه بمقرعة فيقتله، فلا يبقى أحد من أنصاره خلف شيء إلا نادى: يا مؤمن هذا دجَّال فاقتله، فيمتعوا أربعين سنة لا يموت أحد ولا يمرض أحد، ويقول الرجل لغنمه ولدوابه: اذهبوا فارعوا وتمر الماشية بين الزرعين لا تأكل منه سنبلة، والحيات والعقارب لا تؤذي أحداً، والسبع على أبواب الدور لا يؤذي أحداً ويأخذ الرجل المدَّ من القمح فيبدره بلا حرث فيجيء منه سبعمائة مد.
فيمكثون في ذلك حتى يكسر سد يأجوج ومأجوج، فيموجون ويفسدون ويستغيث الناس فلا يستجاب لهم، وأهل طور سينا هم الذين فتح الله عليهم فيدعون، فيبعث الله دابة من الأرض ذات قوائم، فتدخل في آذانهم فيصبحون موتى أجمعين، وتنتن الأرض منهم فيؤذون الناس بنتنهم أشد من حياتهم، فيستغيثون بالله، فيبعث الله ريحاً يمانية غبراء، فيصير على الناس غماً ودخاناً وتقع عليهم الزكمة، ويكشف ما بهم بعد ثلاث وقد قذف جميعهم في البحر، ولا يلبثون إلا قليلاً حتى تطلع الشمس من مغربها، وجفت الأقلام وطويت الصحف، ولا يقبل من أحد توبة، ويخر إبليس ساجداً ينادي: إلهي مرني أن أسجد لمن شئت، وتجتمع إليه الشياطين فتقول يا سيدنا إلى من تفزع؟ فيقول: إنما سألت ربي أن ينظرني إلى يوم البعث وقد طلعت الشمس من مغربها وهذا الوقت المعلوم.
وتصير الشياطين ظاهرة في الأرض حتى يقول الرجل: هذا قريني الذي يغويني فالحمد لله الذي أخزاه، ولا يزال أبليس ساجداً باكياً حتى تخرج الدابة فتقتله وهو ساجد ويتمتع المؤمنون بعد ذلك أربعين سنة لا يتمنون شيئاً إلا أعطوه حتى تتم أربعون سنة بعد الدابة، ثم يعود فيهم الموت ويسرع فلا يبقى مؤمن، ويبقى الكفار يتهارجون في الطرق كالبهائم حتى ينكح الرجل أمه في وسط الطريق يقوم واحد عنها وينزل واحد، وأفضلهم يقول: لو تنحيتم عن الطريق كان أحسن، فيكون على مثل ذلك حتى لا يولد أحد من نكاح، ثم يعقم الله النساء ثلاثين سنة، ويكونون كلهم أولاد زنا شرار الناس عليهم تقوم الساعة»
.
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا طلعت الشمس من مغربها خر إبليس ساجداً ينادي ويجهر: إلهي مرني أسجد لمن شئت؟ فتجتمع إليه زبانيته فيقولون: يا سيدهم ما هذا التضرع؟! فيقول: إنما سألت ربي أن ينظرني إلى الوقت المعلوم وهذا الوقت المعلوم. قال: وتخرج دابة الأرض من صدع في الصفا، فأول خطوة تضعها بانطاكية، فتأتي إبليس فتخطمه».
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها».
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال: إذا طلعت الشمس من مغربها ذهب الرجل إلى المال كنزه، فيستخرجه فيحمله على ظهره فيقول: من له في هذه؟ فيقال له: أفلا جئت به بالأمس؟ فلا يقبل منه، فيجيء إلى المكان الذي احتفره فيضرب به الأرض ويقول: ليتني لم أرك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن جندب بن عبد الله البجلي قال: استأذنت على حذيفة ثلاث مرات فلم يأذن لي فرجعت، فإذا رسوله قد لحقني فقال: ما ردك؟ قلت ظننت أنك نائم. قال: ما كنت لأنام حتى أنظر من أين تطلع الشمس؟ قال ابن عون: فحدثت به محمداً فقال: قد فعله غير واحد من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي أسامة قال: إن صبح يوم القيامة يطول تلك الليلة كطول ثلاث ليال، فيقوم الذين يخشون ربهم فيصلون، حتى إذا فرغوا من صلاتهم أصبحوا ينظرون إلى الشمس من مطلعها، فإذا هي قد طلعت من مغربها. والله أعلم.